بعد تمرير الموازنة: من أكل مصروفاتها ومن موّلها؟

قال وزير المالية محمد معيط، اليوم، إن الموازنة العامة للدولة في السنة المالية الجديدة، والتي مررها مجلس النواب أمس، منحت الأولوية «للصحة والتعليم والصناعة والزراعة والتصدير والحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا وتحسين مستوي معيشة متوسطي الدخل»، بحسب بيان الوزارة.

في المقابل، تكشف مراجعة بيانات الموازنة عن انعكاس أزمة ارتفاع نصيب الفوائد من المصروفات العامة، على «التقسيم الوظيفي» لتلك المصروفات، التي استحوذ على أكثر من نصفها قطاع الخدمات العامة، الذي يشمل مصروفات قسم الدين العام في وزارة المالية، والخاص بسداد فوائد الدين العام، وهو ما انعكس على نصيب التعليم والصحة، بل على نصيب الزراعة والصناعة كذلك، ويندرج الأخيران تحت مسمى «الشؤون الاقتصادية» في هذا التقسيم. 

وينقسم التصنيف الوظيفي، الذي يوضح الأنشطة التي تنفق عليها المصروفات، إلى عشرة أنشطة، بحيث لا يقتصر كل منها على وزارة، وإنما على أنشطة متماثلة، كالتعليم والإسكان والصحة، وهو يختلف عن التصنيف الاقتصادي الذي يقسم المصروفات إلى أوجه إنفاق مثل: أجور، وشراء سلع والخدمات، ودعم، ومزايا اجتماعية وفوائد.

ووجهت الموازنة الجديدة 55% من المصروفات العامة إلى ما يسمى بقطاع الخدمات العامة، الذي يتسم بحساسية الجهات التي يشملها، مثل: الأجھزة التنفیذیة، والأجھزة التشریعیة، وأجھزة الشؤون المالية، وأجهزة الشؤون الخارجیة، ومعاملات الدین العام، ومن أبرز الجهات التي يتضمنها: مجلس النواب، ومجلس الشیوخ، ورئاسة الجمھوریة، ورئاسة مجلس الوزراء، والمجالس التخصصیة، ودواوین عموم المحافظات، والجھاز المركزى للمحاسبات، ووزارة المالیة ومصالحھا، ووزارة الخارجیة، وقسم الدین العام في «المالية».

يوضح الشكل التالي تقسيم المصروفات العامة على القطاعات الوظيفية المختلفة.

المصدر: البيان التحليلي للموازنة العامة 

في ما يتعلق بنمو الإنفاق على القطاعات الوظيفية المختلفة، يبدو واضحًا كيف انعكس التوجيه الكبير للمصروفات إلى قطاع «الخدمات العامة»، على قطاع الشؤون الاقتصادية بالذات، الذي تراجعت المخصصات الموجهة له بنسبة 33.7% كما يتضح من الشكل التالي الذي يستعرض النمو المتباين في مخصصات القطاعات الوظيفية المختلفة. 

المصدر: البيان التحليلي للموازنة العامة 

ويشمل «الشؤون الاقتصادية» قطاعات: الزراعة، والري، والإنتاج الحيواني، والصيد، والوقود، والطاقة والتعدين، والصناعة، والنقل، والاتصالات، والسياحة، والبحوث والتطوير في مجال الشؤون الاقتصادية، ومن ضمن أبرز الجهات التي يشملها: وزارة الزراعة ومديريات الزراعة في المحافظات، ووزارة الموارد المائية والري، والكهرباء والطاقة المتجددة، ووزارة العمل ومديريات العمل في المحافظات. 

على مستوى الإيرادات العامة، قال الوزير في بيانه: «إن الإيرادات العامة بالموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة تبلغ 2.6 تريليون جنيه بما يمثل 15.4% من الناتج المحلي، بزيادة 8.5% عن التقديرات المتوقعة في السنة المالية الحالية»، مضيفًا: «نستهدف أن تنمو الإيرادات الضريبية بنحو 30.5% مقارنة بالنتائج المتوقعة لتصل لأكثر من 2 تريليون جنيه؛ بما يعكس جهود الميكنة لرفع كفاءة الإدارة الضريبية، وتوسيع القاعدة الضريبية، والتوسع في تحصيل الضرائب المستحقة على التجارة الإلكترونية خاصة المنصات العالمية غير المقيمة في مصر وأيضًا الضرائب الدولية على الشركات متعددة الجنسيات». 

لكن بصورة عامة، تكشف مراجعة المصادر الأساسية للحصيلة الضريبية في السنة المالية الجديدة عن هيمنة الضرائب التي يتحملها الأفراد على الصورة الإجمالية لمصادر الضرائب في مصر، كما يتضح من الشكل التالي. 

المصدر: البيان التحليلي للموازنة العامة 

تمثل الضرائب على السلع والخدمات «ضريبة القيمة المضافة»، والتي يفترض أن تجلب للموازنة العامة الجديدة 828 مليار جنيه، مصدرًا للضرائب غير المباشرة والتي تعد بصورة عامة نمطًا غير عادل من الضرائب يفرض على الاستهلاك لا الدخل، وبالتالي لا يرتبط بالقدرة على سداد الضريبة. 

ويتضح من الشكل السابق الفارق الكبير في الاعتماد على تلك الضريبة، قياسًا إلى الضرائب على شركات الأموال، والضرائب على الأذون السندات، التي تمثل أبرز مصادر الضرائب على «الأثرياء».

اعلان

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن